بوادر فشل مسيرة "12 فبراير" الجزائرية

عبد الرحمن أبو رومي- الجزائر


الإسلاميون يرفضون المشاركة فيها :

بوادر فشل مسيرة "12 فبراير" الجزائرية


رفضت مختلف التيارات و الفصائل الإسلامية المشاركة في المسيرة الشعبية التي تم تنظيمها السبت 12-02-2011 بالجزائر العاصمة ، من قبل ما بات يعرف بـ " التنسيقية الوطنية من أجل التغيير والديمقراطية "، المكونة من أحزاب سياسية وتنظيمات حقوقية ونقابات وطلاب، و بعض الشخصيات السياسية و عدد من المثقفين، و برر الإسلاميون هذا الموقف بمخاوفهم من حدوث انزلاقات أثناء هذه المظاهرة .

و جددت "حركة مجتمع السلم" - وهي أكبر حزب إسلامي ينشط على الساحة الجزائرية - رفضها المشاركة في " مسيرة 12 فبراير " ، كما أورد بيان صادر عن مكتبها التنفيذي، أول أمس الأربعاء.
و أكدت الحركة التي تمثل أحد أقطاب الائتلاف الحاكم في الجزائر، في ذات البيان المنشور على موقعها الإلكتروني على "عدم تحملها مسؤولية المبادرات الفردية " ، في رد صريح عن إعلان " عبد الرزاق مقري " نائب رئيس الحركة مشاركته في المسيرة .

مسيرة سلمية

وكان القيادي الجزائري الإسلامي البارز عبد الرزاق مقري أعلن التحاقه بقائمة المشاركين في "مسيرة 12 فبراير " ، داعيا الإسلاميين إلى دعمها، و هذا من منطلق قناعته بـ " المبادئ التي رفعتها ، كالإقرار الفعلي للديمقراطية، و حرية التعبير، و ضمان العيش الكريم للشعب الجزائري " .
و ذكر الأستاذ مصطفى بوشاشي الناطق باسم التنسيقية الوطنية من أجل التغيير و الديمقراطية، في وقت سابق، أن " المسيرة ستأخذ طابعا سلميا ، و سيتم خلالها رفع شعارات منادية بمزيد من الحريات السياسية، و بضرورة الإسراع في تلبية المطالب الاجتماعية " .
و تتمسك التنسيقية بتنظيم هذه المسيرة الشعبية، رغم قرار الحظر الصادر عن والي الجزائر، الذي اقترح على منظميها تحويلها إلى " تجمع شعبي ".
و تمنع السلطات الجزائرية ، تنظيم أية مسيرات بالجزائر العاصمة ، منذ يونيو 2001 ، عقب الأحداث الخطيرة، التي عرفتها مسيرة ما يسمى بـ " حركة العروش " آنذاك ، و هو الحظر الذي بقي ساري المفعول إلى أجل غير مسمى ، بحسب ما ورد في بيان مجلس الوزراء الأخير.

بدورها اتخذت الأحزاب الإسلامية المعارضة موقفا مشابها ل " حمس " ، حيث رفضت " حركة الإصلاح الوطني " على لسان أمينها العام " جمال بن عبد السلام " المشاركة في هذه المسيرة ، و الذي أكد على أن حركته " تحرص على عدم المشاركة في مسيرة قد تزهق فيها أرواح " ، داعيا وزارة الداخلية إلى " التعقل و عدم قمع المتظاهرين " ، الذين من واجبهم بحسب – زعيم الإصلاح - أن " يلتزموا من جهتهم بالجانب السلمي ، و عدم اللجوء إلى العنف تفاديا لأية إنزلاقات قد تدخل البلاد في متاهات " .
و أكد فاتح ربيعي الأمين العام لـ " حركة النهضة " ذات التوجهات الإسلامية ، هو الآخر ، بأن " حركته غير معنية بمسيرة السبت المقبل " ، لكن ذلك لا يمنع حسب تصريحات نقلتها عنه صحيفة الخبر أمس الخميس، من " مطالبة السلطات الوصية بتوفير الحماية لأصحاب المبادرة ، لاسيما و أنها مسيرة سلمية تعبر عن رأي ، و الأصل أن تحظى بالحماية " .
و ذكرت صحف جزائرية أن السلطات تستعد لنشر 30 ألف شرطي من وحدات " مكافحة الشغب " ، عبر مختلف أحياء العاصمة ، غدا السبت ، و هذا لصد أية محاولات للتخريب أو المساس بالممتلكات العامة و الخاصة .

غياب السلفيين

و دعا السلفيون بدورهم الشعب الجزائري إلى عدم المشاركة في هذه المظاهرة ، عبر بيان صادر عن الشيخ عبد الفتاح زيراوي حمداش المشرف العام على موقع " ميراث السنة "، و الناطق باسم ما يسمى " الصحوة الحرة لأبناء مساجد الجزائر "، تلقت إسلام أون لاين نسخة منه ، حيث أكد هذا الأخير على عدم مشاركة الصحوة في مسيرة 12 فبراير، و عدم دعوتها الجزائريين للمشاركة فيها ، لأسباب خطيرة تتعلق بوجهات خارجية معادية للإسلام و الجزائر ، تهدف إلى ضرب وحدتها.

و عاد الداعية السلفي في سياق توضيح موقفه الرافض لهذه المظاهرة ، للتأكيد بأن من يقف ورائها "هم من أوقدوا نار الفتن قبل عشرين سنة ، و بمشاركة فرنسا الصليبية ، و ها هم يخرجون على الجزائريين بهذه الثورة المزعومة " ، في إشارة منه إلى التيارات العلمانية ، و على رأسها التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية " ، الذي يتزعمه الدكتور سعيد سعدي، المعروف بعدائه الشديد للإسلاميين .

قوى أخرى

و يعد تجمع " سعدي " أبرز الأحزاب المشاركة في هذه المسيرة الغير مرخص لها من قبل السلطات ، و هذا بعد إعلان " حزب الحرية و العدالة " الغير معتمد تراجعه عن المشاركة في المظاهرة ، بسبب شعارها الداعي إلى " تغيير النظام " ، حيث أن الأولوية بحسب " محمد السعيد " الأمين العام للحزب المذكور ، تتمثل في " إدخال إصلاحات سياسية و اجتماعية و اقتصادية " .

ذات المواقف الرافضة للمشاركة في مسيرة " 12 فبراير " عبرت عنها قوى معارضة أخرى ، من أبرزها : " حزب العمال " التروتسكي و" جبهة القوى الاشتراكية " و " الجبهة الوطنية الجزائرية " .
نفس المخاوف من أن تشهد هذه المسيرة " إنزلاقات " ، عبرت عنها أحزاب وطنية ( قومية ) موالية للسلطة ، حيث دعا الصديق شهاب في تصريحات خاصة ـ إسلام أون لاينإلى " توخي الحذر مما قد تحمله هذه المسيرة من مخاطر ، خاصة و أن أصحابها يحاولون ركوب موجة أصبحت ظاهرة في المجتمعات العربية " ، في إشارة منه إلى الأحداث التي تشهدها تونس و مصر .

و واصل القيادي البارز في حزب الوزير الأول أحمد أويحي حديثه قائلاً : " الجميع له الحق في التعبير عن رأيه بكل حرية ، لكن الطريقة المنتهجة من قبل هؤلاء تحمل مزايدات سياسوية ، ما يدفعنا إلى أن نبقى حذرين ، لأن المناورات موجودة ، و لا نريد أن نعود بأي حال من الأحوال إلى ما عشناه خلال سنوات الفوضى " .

فشل متوقع

و يتوقع متابعون للشأن السياسي الجزائري ، أن " تفشل " التنسيقية في تنظيم هذه المسيرة ، مثلما حصل في المظاهرة التي دعا إليها الشهر الماضي " التجمع من أجل الثقافة و الديمقراطية "، بسبب الإجراءات الأمنية المشددة التي اتخذتها السلطة لإجهاض هذه المسيرة ، ناهيك عن الانشقاقات الحاصلة داخل التنسيقية ، و التي أدت إلى تراجع بعض أعضائها عن المشاركة في مظاهرة الغد .

و أعلن الرئيس الجزائري " عبد العزيز بوتفليقة " خلال اجتماع مجلس الوزراء الأخير ، عن قرار يقضي برفع " حالة الطوارئ " ، التي تشهدها البلاد منذ 1992 ، و يجري العمل حاليا من قبل الحكومة على إعداد النصوص القانونية لتجسيد هذا القرار .

و شكل مطلب إنهاء العمل بمرسوم حالة الطوارئ ، أبرز المطالب التي رفعتها " التنسيقية الوطنية من أجل التغيير و الديمقراطية " غداة تأسيسها ، لكن سرعان ما رفعت سقف مطالبها إلى أبعد من ذلك ، بعد قرار " بوتفليقة " الأخير ، الذي أعلن من خلاله عن قرب إلغاء حالة الطوارئ .

الحمد لله

شكرا نورت صفحتي المتواضعة اخي